تحليل قصيدة نشيد الجبار

إعلان الرئيسية

شاعر و قصيدة

الشاعر :

أبو القاسم الشابي
شاعر الحب والثورة

[​IMG]

ولد أبو القاسم محمد بن أبي القاسم الشابي في مارس 1909 في بلدة (الشابة) على مقربة من توزر، وعين أبوه قاضيا في نفس عام ولادته وراح يتنقل من بلد لبلد، وتلقى تعليمه الأول في المدارس القرآنية وكان ذكيا قوي الحافظة فقد حفظ القرآن وهو في التاسعة من عمره، بعد ذلك أرسله والده لجامع الزيتونة وحصل على شهادة التطويع 1927 وهو في سن الثامنة عشرة، ولم يكتف أبوه بذلك فأدخله كلية الحقوق وتخرج منها سنة 1930 .
وفي شهر فبراير من سنة 1920 ألقى محاضرته الشهيرة والتي نشرها لاحقا "الخيال الشعري عند العرب" (تونس 1929).
وفي سنة 1955 أصدرت مؤسسة نشر مصريّة ولأول مرّة ديوانه "أغاني الحياة" والتي اختار قصائده بنفسه.
وتلت هذا العمل أعمال أخرى أصدرت بعضها الدار التونسية للنشر متضمنة قصائد جديدة وهي جزء من الأثر الأدبي الكامل للشابي والذي يشمل دراسات أدبيّة ومحاضرات ومذكرات ومراسلات.
وتوفي الشاعر أبو القاسم الشابي يوم 19 أكتوبر من سنة 1934 بمستشفى الحبيب ثامر بالعاصمة على أثر مرض عضال.
وكانت نقطة التحول في حياة شاعرنا موت حبيبته وهي مازلت شابة، ثم تبعه بعد ذلك الموت وأختطف أبوه، فتسبب هذين الحادثين في اعتلال صحته وأصيب بانتفاخ في القلب فأدى ذلك لموته وهو صغير السن في عام 1934 بمدينة تونس، ونقل جثمانه لمسقط رأسه قرية الشابة.

و له:

القصيدة :
نشيد الجبار - لأبي القاسم الشابي

سَأعيشُ رَغْـمَ الـدَّاءِ والأَعـداءِ ............... كالنَّسْـر فـوقَ القِمَّـةِ الشَّمَّـاءِ
أرْنُو إلى الشَّمْسِ المُضِيئةِ هازِئـاً ............ بالسُّحْـبِ والأَمطـارِ والأَنـواءِ
لا أرْمقُ الظِّلَّ الكئيـبَ ولا أرَى ................. مَا فـي قَـرارِ الهُـوَّةِ السَّـوداءِ
وأَسيرُ في دُنيا المَشَاعـرِ حالِمـاً ............... غَرِداً وتلـكَ سَعـادةُ الشعَـراءِ
أُصْغي لمُوسيقى الحَياةِ وَوَحْيِهـا ............ وأذيبُ روحَ الكَوْنِ فـي إنْشَائـي
وأُصيخُ للصَّوتِ الإِلهـيِّ الَّـذي ................... يُحْيـي بقلبـي مَيِّـتَ الأَصْـداءِ
وأقـولُ للقَـدَرِ الَّـذي لا ينثنـي .................... عَنْ حَـرْبِ آمالـي بكـلِّ بَـلاءِ
لا يُطْفِئُ اللَّهبَ المؤجَّجَ في دمـي ........ موجُ الأسى وعواصـفُ الأَزراءِ
فاهدمْ فؤادي ما استطعـتَ فانَّـهُ ........... سيكون مثلَ الصَّخـرة الصَّمَّـاءِ
لا يعرفُ الشَّكوى الذليلَة والبكـا ........... وضراعَة الأَطفـالِ والضّعفـاءِ
ويعيـشُ جبَّـاراً يحـدِّق دائمـاً ............... بالفجر بالفجـرِ الجميـلِ النَّائـي
إِملأْ طريقي بالمخاوفِ والدُّجـى ......... وزوابـعِ الأَشـواكِ والحصبـاءِ
وانْشر عليه الرُّعب واثـر فوقـه .... رُجُمَ الرَّدى وصواعـقَ البأسـاءِ
سَأَظلُّ أمشي رغمَ ذلـك عازفـاً ............... قيثارتـي مترنِّـمـاً بغنـائـي
أَمشـي بـروحٍ حالـمٍ متَوَهِّـجٍ ................ فــي ظُلـمـةِ الآلامِ والأَدواءِ
النُّور في قلبي وبيـنَ جوانحـي ...... فَعَلامَ أخشى السَّيرَ فـي الظلمـاءِ
إنِّي أنا النَّـايُ الَّـذي لا تنتهـي .............. أنغامُـهُ مـا دام فـي الأَحيـاءِ
وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ ليس تزيـدُهُ .............. إلاَّ حيـاةً سَـطْـوةُ الأَنــواءِ
أمَّا إِذا خمدت حياتـي وانقضـى ......... عُمُري وأخرسَتِ المنيَّـةُ نائـي
وخبا لهيبُ الكون في قلبي الَّـذي ...... قد عاش مِثْلَ الشُّعْلَـةِ الحمـراءِ
فأنـا السَّعيـد بأنَّنـي مُتـحـوِّلٌ ................. عـن عالـمِ الآثـامِ والبغضـاءِ
لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ ......... وأرتوي مـن مَنْهَـلِ الأَضـواءِ
وأَقولُ للجَمْـعِ الَّذيـن تجشَّمـوا ................ هَدْمي وودُّوا لـو يخـرُّ بنائـي
ورأوْا على الأَشواكِ ظلِّيَ هامِـداً ............. فتخيَّلـوا أَنِّـي قضيْـتُ ذَمائـي
وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكـلِّ مـا ............. وجدوا ليشـوُوا فوقَـهُ أشلائـي
ومضَوْا يَمُدُّونَ الخُـوَانَ ليأكلـوا .......... لحمي ويرتشفـوا عليـه دِمائـي
إنِّي أقولُ لهمْ ووجهـي مُشـرقٌ .......... وعلى شفاهـي بَسْمَـةُ استهـزاءِ
إنَّ المعـاوِلَ لا تَهُـدُّ مناكـبـي ................. والنَّارَ لا تأتي علـى أعضائـي
فارموا إلى النَّار الحشائشَ والعبوا ..... يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحـتَ سَمائـي
وإذا تمرَّدتِ العَواصفُ وانتشـى ............. بالهـولِ قلْـبُ القبَّـةِ الزَّرقـاءِ
ورأيتمونـي طائـراً مترنِّـمـاً .............. فوقَ الزَّوابعِ في الفَضاءِ النَّائـي
فارموا على ظلِّي الحجارةَ واختفوا ...... خَوْفَ الرِّياحِ الْهـوجِ والأَنـواءِ
وهناكَ في أمنِ البيوتِ تطارحـوا ............ غَـثَّ الحديـثِ ومـيِّـتَ الآراءِ
وترنَّمـوا مـا شئتـمُو بِشَتَائمـي ............. وتجاهَـروا مـا شئتـمُو بعِدائـي
أمَّا أنـا فأُجيبكـمْ مِـنْ فوقكـمْ .......... والشَّمسُ والشَّفقُ الجميـل إزائـي
مَنْ جَاشَ بالوحي المقـدَّسِ قلبُـه ............. لـم يحتفـل بحِجَـارةِ الفلـتـاءِ
مقــدمة  وتمهيد للاطلاع فقط§

بعد نكبة بغداد على يد التتار ، وبعد  قيام الخلافة العثمانية   ضعف  الأدب العربي إلى حد كبير ، سواء في مجال الشعر أم النثر ، بل كاد الشعر أن يغيب نجمه كليا  عن الساحة الأدبية العربية في العصر العثماني بسبب جعل اللغة الرسمية للدولة هي اللغة التركية بدلا عن العربية .
 ومع الحملة الفرنسية إلى الشرق العربي وإلى مصر تحديدا بدأ  الاتصال بالحضارة الغربية عن طريق البعثات المختلفة ، ومع هذه البعثات بدأت الترجمة عن الغرب في شتى المجالات ، فكان لهذا الاتصال ولهذه البعثات وللترجمة عن الغرب ؛ كل ذلك كان له  دوره في نهضة الأدب العربي من جديد  ، ونلمس هذه النهضة في مجالي الأدب : النثر والشعر.

 أولا :  في النثـر :
        كان كتّاب وأدباء العصرين ( المملوكي والعثماني ) يهتمون إلى حد بعيد بالزخرفة اللفظية والمغالاة في استخدام المحسنات البديعية  ، وبعد الاتصال بالحضارة الغربية الحديثة بدأ النثر يتحرر من السجع المتكلَّف وغيره من ألوان الزخرفة اللفظية ، وبدأت الألفاظ تميل  إلى السهولة والوضوح ، كما اقتبس الأدباء كثيرا  من المعاني والصور الأجنبية  ، وهجروا الأغراض النثرية القديمة ( كالمقامات والرسائل الإخوانية ) حيث بدأت تظهر ألوان نثرية جديدة كالرواية والقصة القصيرة والخاطرة والمسرحيات ... الخ .

 ثانيا : في الشـعر :
       ظل الشعر العربي منذ العصر الجاهلي وحتى بداية العصر الحديث ( عصر النهضة ) لا يعرف إلا لونا واحدا من فنون الشعر ، وهو ( الشعر الغنائي الذاتي ) ، وبعد الاتصال بالحضارة الأجنبية ظهرت فنون شعرية حديثة مثل : ( الشعر المسرحي ، والشعر الملحمي ) ، إلى جانب أن القصيدة أصبحت مترابطة الأجزاء بعد أن كانت تبدأ – كما في العصر الجاهلي – بالمقدمة الغزلية وبكاء الأطلال .. . ثم الغرض الذي من أجله تمّ نظم القصيدة ، وإلى جانب التطور في الفنون وفي ترابط القصيدة ؛  تطور أيضا  القالب الشعري ، فلم تعد القصيدة على وزن واحد وقافية واحدة ، بل وجدنا قوالب جديدة بدأت تظهر في  شـعرنا المعاصر ، منها :   ( شعر المقطوعات ، والشعر المرسل ، والشعر الحر " شعر التفعيلة" .. ) ، وإلى جانب ما سبق ظهرت أيضا في أدبنا العربي مدارس شعرية جديدة ، وهي :

       * مدرسة البعث والإحياء – أو الكلاسيكية - .        ورائدها : محمود سامي البارودي
       * المدرسة الرومانسية أو الرومانتيكية .             ورائدها : خــليل مطران .
       * مدرسة الشعر الجديدة .                            وأول من نظم فيها : نازك الملائكة.
               
       ولكل واحدة من هذه المدارس الثلاث مميزاتها وسماتها  الخاصة  بها .
       والمطلوب منك هنا عزيزي الطالب أن تستوعب تماما خصائص وسمات المدرسة الرومانسية أو الرومانتيكية ، حيث إن أبا القاسم الشابيّ من أهم شعرائها .

الرومانتيكية والذاتية

       ورد في أول سطر في هذا الدرس أنّ  بروز العنصر الذاتي هو أهم سمات المدرسة الرومانتيكية أو الرومانسية .   فما المراد  بالعنصر الذاتي ؟
      ورد  في الكتاب التعريف  الآتي للذاتية :
       [ أن ينقل الشاعر أفكاره وعواطفه وخياله المستوحى من تجربته الذاتية في الحياة بما فيها من آمال وآلام وتشاؤم وتفاؤل ] .
       أما التجربة الذاتية فهي عبارة عن موقف تعرض له الأديب أو الشاعر فتأثر به وتفاعل معه ، وقد يكون هذا الموقف محزنا أو مفرحا  أو مؤلما أو متفائلا أو يائسا أو متحديا  ...الي بقية ما يحمله الأديب أو الشاعر من أحاسيس إنسانية مختلفة  .
       والصدق الذاتي :  هو أن يصور الشاعر هذه التجربة كما يحسها ويراها .
       أما الصدق الفني : فهو  صياغة هذه الصور من خلال أحاسيسه الذاتية .
       وهذان هما جانبا الأصالة لدى شعراء هذه المدرسة .

       مما  سبق نستطع  أن نتلمس السمات والخصائص الفنية الآتية لدى شعراء المدرسة الرومانتيكية :
-       بروز العنصر الذاتي .
-       الاهتمام بالصور والخيال إلى حد بعيد والبعد عن الواقع والحقيقة .
-       الاهتمام بمظاهر الطبيعة الجميلة ومزجها بصورهم وأفكارهم .
-       الاهتمام بالبعد الإنساني والتعاطف مع الطبقات المظلومة ضد الظالمين .
-       حدة الإحساس بالألم كمظهر من مظاهر الذاتية ، وإبراز هذا الألم وأثره في نفوسهم.

 والإحساس أو الشعور بالألم اتخذ عند الرومانتيكيين منحــيين أو اتجاهين :
·       منحى أو اتجاه  التفاؤل .
·       منحى أو اتجاه التشاؤم .
فالشاعر الذي يضعف أمام آلامه ، ويبتعد عن مواجهتها ، ثم يلفه اليأس ، ولا يرى ضوءاً يهتدي  به إلى الخلاص ، فلا شك أن مثل هذا يأخذ منحى التشاؤم .
أما الذي يقف في مواجهتها متحديا ، ومليئا  بالإحساس بالقوة والقدرة على تجاوز الأزمات ، فلا شك أن هذا  يأخذ منحى التفاؤل .  ونشيد الجبار من هذا المنحى .
**********


أولاً : الأفكار الرئيسة في  القصيدة :
1- إصرار على تحدّي مصادر الألم .                        الأبيات : 1  -  3
2-  التمتع بمظاهر الجمال في الكون .                       الأبيات :  4 -  7
3-   قوة قلب الشاعر وجبروته في تحديه لآلامه.            الأبيات : 8  -  12
4-  اعتزاز الشاعر بشعره وترنمه به في مواجهة ألمه.              الأبيات : 13 – 17
5-  فلسفة الشاعر في الموت وكيف يراه .                   الأبيات : 18 – 20
6-  صور من آلام ومعاناة الشاعر .                        الأبيات : 21 – 27
7-  استهزاء الشاعر بألمه وبأعدائه .                        الأبيات : 28 – 35

 ثانياً : المعجم والمفردات الجديدة :

الكلمة
معنــاها
الشماء
المرتفعة العالية
أرنو
أنظر وأتأمل
أرمق
أنظر نظرة الكاره  لعدوه
الكئيب
المهموم الحزين
هازئا
ساخرا
الأنـواء
مفردها  ( نوء) : الحمل الثقيل
حـالما
هادئا متأنيـا
غــردا
رافعا صوته بالغناء
أصغي
أسـتمع
موسيقا الحياة
المراد : مظاهر الجمال في الكون
إنشائي
المراد : شــعره
وأصيخُ
أسـتمع
الأصـداء
جمع ( صدى ) : رجع الصوت وتردده
المؤجج
المشتعل
الأرزاء
جمع ( رزء ) : المصيبة
الصخرة الصماء
شديدة الصلابة
ضراعة الأطفال
تذللهم
يحـدّق
يشدد النظر
الدجى
الظلام ، جمع ( دجية ) : الظلمة
الحصـباء
صغار الحجـارة
رُجمَ الردى
الرجم : ما يوضع على القبر من حجارة  ، مفردها : ( رجمة) – الردى : الموت
مترنما
مرددا ومغنيا
متوهج
شديد الاشتعال



الأدواء
الأمراض ، مفردها ( داء )
جوانحي
عظام الصدر ، مفردها ( جانحة )
الخضم الرحب
البحر الواسع
سطوة الأنواء
شدة وقوة ما أحمله من هموم وآلام
أخرست
أنهت وعطّلت
المنية
الموت ، جمعها ( منايا )
خبـا
سـكن وخَـمد
الآثـام
مفردها ( إثـم ) : الذنب
منهـل
مورد الماء ، الجمع ( مناهل )
تجشموا
أرادوا قصدوا
يخـرّ
يسـقط
هـامدا
ساكنا لا حراك فيه
ذمـائي
بقية روحي
الخـوان
مائدة الطعام
يرتشفوا
يشربوا ويتلذذوا
المعـاول
مفردها ( معول ) : آلة هـدم
مناكبي
مفردها ( منكب ) : أعلى الكتف
تمردت

انتشى

القبة الزرقاء
المراد : قبة السـماء
النائي
البعيــد
الهـوج
مفردها ( هوجاء ) : الشديدة المثيرة للغبار
تطارحوا
تبادلوا فيما بينكم
غثّ الحديث
الغثّ : الفاســد
جـاش
سـار وتحرك
الفلتاء
مفردها ( فلتة ) : الرأي غير السديد

الجـو العام في القصيدة :
         نجد في هذه القصيدة  أبا القاسم قد اتبع منحى المتفائلين من شعراء المدرسة الرومانتيكية ، بدليل أن روح التحدي لمرضه ولأعدائه ولحساده هي التي سيطرت على معظم الأبيات ، حتى الموت وجد فيه خلاصاً من عالم تملؤه الآثام والضغائن ، وهذا ما جعله في قمة انتصاره على كل أعدائه وحساده ، وعلى نكباته ومرضه .

* * * * * *







ثالثاً  : التصـوير في القصيـدة :
       كما هو حال الرومانتيكيين فإنهم يعتمدون في شعرهم على نوعين من التصوير :
       أ )  الصور الشعرية الممتدة . ب ) الصور الشعرية التقليدية أي: ( الخيال الجزئي).
 أ  )  : الصور الشعرية :
        في قصيدة ( نشيد الجبار ) نجد الشاعر أبا القاسم قد رسم لنا في أبياته لوحات رائعة الجمال ، مستعينا في ذلك بما وهبه الله للطبيعة من روعة وجمال ، حيث سخر هذه المظاهر الجميلة في الكون ليبرز من خلالها  عواطفه وأفكاره وصوره الرائعة .
       ومن المعروف أن اللوحات الشعرية ، أو ما يعرف بـ ( الصور الممتدة )  تقوم على شيئين هما :         * أجـزاء الصورة .       * خطـوط الصورة .
       أما الأجزاء فهي عبارة عن كل ما سخره الشاعر من ظواهر في الطبيعة كالشمس والأمطار والأشجار والجبال ... الخ ، يضاف إليها ما تلمسه في الأبيات من ذوات ، سواء أكانت إنسانا  أم جمادا  أم  حيوانا.
       وأما الخطوط فنلمسها في ألفـاظ  تدل على كل من :   اللون ، والصوت ، والحركة.

       ولو أردنا أن نضرب مثلا  من القصيدة للوحة شعرية أو لصورة ممتدة ؛ فإننا نأخذ المقطع الأول ( الأبيات : 1 – 5 ) كمثال ، وإليك التوضيح :
       * أجـزاء الصورة :
  الأعداء – النسر – القمة الشماء – الشمس – السحب – الأمطار – الظل – الهوة ...الخ .
       * خطـوط الصورة  : نجدها في ألفاظ تدل على كل من :
       اللـون  : القمة – النسر – الشمس المضيئة – السحب – الظل الكئيب ... الخ .
       الصوت : هازئا – الأمطـار – حالما غردا – موسيقا الحياة – إنشائي ... الخ .
       الحركة  : أرنو – أرمق – أسير – أذيب روح الكون .... الخ .

       ب ) : الصور التقليدية ( الخيال الجزئي ) :

1-  الاسـتعارة المكنية :  وهي كثيرة في الأبيات ، نذكر منها على سبيل المثال :
·       هازئا بالسحب والأمطار والأنواء . 
    ( شخصها الشاعر وأكسبها حياة ، فكأنها عدو يستهزئ به ، وهذا سر جمالها )
·       الظل الكئيب  :  ( تشخيص للظل ، فالكآبة للإنسان وليس للظل ) .
·       موسيقا الحياة : ( تجسيم للحياة وكأنها أنشودة لعازفين ) .
·       أذيب روح الكون : ( تجسيم للكون وكأنه إنسان له روح ) .
·       فاهدم فؤادي  : ( تشخيص للفؤاد وكأنه بيت يهدم ) .
·       الشكوى الذليلة : ( تشخيص للشكوى وكأنها شخص ذليل )
·       انشر عليه الرعب : ( تجسيم للرعب وكأنه شيء مادي يُنشر )
·       سطوة الأنواء : ( تجسيم للأنواء "المصائب" وكأنها عدو له  قوة وشدة )
·       خمدت حياتي : ( تجسيم للحياة بنار  تخمـد )


ملحـوظة مهمـة :
       عندما يطلب منك في الامتحان توضيح (جمال التصوير ) في أي صورة بلاغية ؛ عند ذلك يجب أن تشرح الصورة كاملة موضحا طرفيها ( المشبه والمشبه به ) ، وبيان المحذوف منهما ،  ثم نوع الصورة ، ثم سر جمالها ،  فمثلا عند توضيح جمال التصوير في  قول الشاعر : ( وخبا لهيب الكون  ... )  نوضّح الصورة على هذا النحو البسيط :
       المشبه        :  الكـون .
       المشبه به     : النار المشتعلة ، وهي محذوفة ، والذي دلّ عليها كلمة ( لهيب )
                           فالاستعارة مكنية ، وسر جمالها ما فيها من تجسيم للكون وكأنه
                             نار ملتهبة .
       2 – التشـبيه :    ومنه أيضا  على سبيل المثال :
             * البيت الأول ( سأعيش كالنسر ) :  تشـبيه تام.
             * دنيا المشاعر  : تشبيه بليغ ،  شبه المشاعر بالدنيا في اتساعها وجمالها .
             * موج الأسى       : تشبيه بليغ  ،  شبّه الأسى بموج في قوته وتتابعه .
             * عواصف الأرزاء :  تشبيه بليغ ..
             * فؤادي مثل الصخرة الصماء : تشبيه تام يوحي بقوة الشاعر وعدم تأثره بآلامه
                    وبأعدائه وبتحديه لهم .
             * رُجم الردى : تشبيه بليغ شبّه الموت (الردى) بحجارة توضع على القبور .
             * صواعق البأساء : تشبيه بليغ ، شبّه آلامه وبؤسه بالصواعق .
             * ظلمة الآلام     : تشـبيه بليغ ، شبّه الآلام بالظلمة .
             * إني أنا الناي    : تشبيه بليغ ، شبّه نفسه وهو يتغنى بشعره بالناي .
             * وأنا الخضم     :  تشبيه بليغ ، شبّه نفسه بالبحر .
             * فجر الجمال     :  تشبيه بليغ ، شبّه الجمال بفجر مضيء .
             * قلبي الذي قد عاش مثل الشعلة الحمراء : تشـبيه تام .
             * منهل الأضواء  :  تشبيه بليغ ،  شبّه الأضواء بنبع أو مصدر ماء للشرب.
      3 – الكنــاية :   ومنها :
             * البيت الأول              : كناية عن تحديه لمرضه ولألمه ولأعدائه .
             * أرنو إلى الشمس         : كنـاية عن الشموخ والتحدي .
             * البيت الثالث كله         :  كنــاية عن تفاؤله .
             * الأبيات ( 4 – 6 )      : كل منها كناية عن سعادته بشعره وترنيمه .
             * البيت التاسع             : كنــاية عن كبريـائه .
             * البيت العاشر             : كنــاية عن تفاؤلـه مهما اشتد به الألم .
             * البيت الثالث عشر        : كنــاية عن استمراره في نظم قصائده الجميلة.
             * البيت الخامس عشر      : كنـاية عن عدم خوفه وعدم تأثره بآلامه .
             * البيتان ( 18 ، 19 )    : كنــاية عن الموت .
             * عالم الآثام والبغضاء     : كنــاية عن الدنيـا .
* * * * * *

رابعـاً :  المحسنات البديعية  : ( اللفظية والمعنوية ) :
                   أ ) المحسنات البيديعية اللفظية :  ومنها :
       * التصريع : بين شطري  البيت الأول :  ( الأعـداء ... الشـماء ) .
       * حسن التقسيم : ( بالسحب والأمطار والأنواء ) ، وكذلك في الأبيات : 12 ، 14
                               17 ، 24 ، 26 ، 27 ، 33 .
       * االجناس الناقص : ( انشر .. وانثر ) ، ( شئتم ..شتائمي) .

                   ب ) المحسنات البديعية المعنوية :  ومنهـا :
       * الطبـاق : بين كل من : يحيي وميت – متوهج وظلمة الآلام – حياتي والمنية
                           - هدمي و بنائي  .... الخ .

خامساً :  الأسـاليب الخبرية والإنشائية :
             أ  ) الخبـرية :
       غلب الأسلوب الخبري على معظم أبيات القصيدة ، والأساليب الخبرية في مجملها غرضها إظهار التحدي والكبرياء ، والاستهزاء بالأعـداء والحسـاد .
                   ب )  الأسـاليب الإنشـائية :  ومنها :
       * أسلوب الأمـر :  مثل :
                    * واملأ طريقي بالمخاوف - وانشر عليه الرعب وانثر فوقه : وغرضه
                        إظهار التحدي .
*  فارموا  إلى النار الحشائش والعبوا يا معشر الأطفال : غرضه   
  السخرية والاستهزاء .
* فارموا على ظلي الحجارة – واختفوا – تطارحوا – ترنموا – تجاهروا  
   : كلها غرضها السخرية والاستهزاء بأعدائه وحساده .
       * أسـلوب الاستفهام :
                    * فعلامَ أخشى السير في الظلماء ؟  استفهام غرضه إظهار التحدي
                 والشجاعة .
       * أسـلوب النـداء :
                    * يا معشر الأطفال :  نـداء غرضه  السخرية والاستهزاء .





§  الغرض من التمهيد أن يلم الطالب بـأبرز مظاهر تأثر الأدب العربي المعاصر بالاتصال بالحضارة الغربية .

 

تعديل المشاركة
Back to top button